فصل: بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَالْمُحَابَاةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَالْمَالِ يُفَضِّلُ فِيهِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ صَاحِبَهُ:

(قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فِي مَرَضِهِ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَتَلَ رَجُلٌ الْمَوْلَى عَمْدًا، وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ حِصَّةَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ عَلَى الْقَاتِلِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَدَّى مَالُ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ بَدَلُ نَفْسِهِ، وَلَوْ وَجَبَ بِالْخَطَأِ كَانَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الدِّيَةِ فَيُقَسَّمُ الْكُلُّ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَهَا هُنَا الْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ فَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ بِالْعَمْدِ بَعْدَ عِتْقِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ، وَقَدْ ظَهَرَ خُرُوجُ قِيمَتِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَيُعْتَقُ كُلُّهُ ثُمَّ يُقَسَّمُ كُلُّ الْخَمْسَةِ آلَافٍ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلْعَافِي مِنْهَا سَهْمٌ، وَلِلْآخَرِ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ التَّرِكَةَ سِتَّةُ آلَافٍ أَلْفٌ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ لَكَانَتْ تُقَسَّمُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَنِصْفُ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ فَيَكُونُ حَقُّ الْعَافِي خَمْسَمِائَةٍ، وَحَقُّ الْآخَرِ خَمْسَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ بَيْنَهُمَا يَكُونُ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ فَإِنَّ الْمُسْتَحَقَّ بِالْوَصِيَّةِ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ كَالتَّوَى وَمَا يَتْوَى مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِالْحِصَّةِ فَهَذَا مِثْلُهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الضَّرَرُ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ فَإِذَا قَسَّمْنَا الْبَاقِيَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا كَمَا كَانَ يُقَسَّمُ الْكُلُّ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَوْفِي الْعَافِي شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ، وَقَدْ أَسْقَطَ نَصِيبَهُ بِعَفْوِهِ قُلْنَا مَا يَسْتَوْفِيه فِي حَقِّهِ لَيْسَ بِدِيَةٍ بَلْ هُوَ عِوَضٌ عَمَّا تَلِفَ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ لِلْعَبْدِ فَيُقَدَّمُ فِي الثُّلُثِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ ضَرَرُهُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْحِصَّةِ فَيَأْخُذُ هُوَ جُزْءًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ مِنْ الْمَالِ عِوَضًا عَمَّا سَلَّمَ لِلْعَبْدِ مِنْ نَصِيبِهِ فَمَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ فَإِنْ قِيلَ حَقُّهُ كَانَ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْفُ لَكَانَ الْعَبْدُ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا فَكَيْف يُضْرَبُ بِنِصْفِ الْعَبْدِ وَحَقُّهُ فِي ثُلُثَيْ الْعَبْدِ قُلْنَا: نَعَمْ كَانَ حَقُّهُ فِي ثُلُثِ الْعَبْدِ لِضِيقِ الْمَحَلِّ، وَقَدْ اتَّسَعَ الْمَحَلُّ بِظُهُورِ خَمْسَةِ آلَافٍ لِلْمَيِّتِ، وَهَذَا لِأَنَّ ضَرَرَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْوَارِثِينَ بِالْحِصَّةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ ابْنًا وَامْرَأَةً، وَأَوْصَى بِعَيْنِ مَالِهِ فَإِنَّهُ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ فَيَكُونُ ضَرَرُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ مِيرَاثِهِمَا فَهَاهُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّ حَقَّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فِي التَّرِكَةِ أَضْعَافُ حَقِّ الْعَافِي فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ ذَلِكَ وَالْوَصِيَّةُ بِقَدْرِ الْأَلْفِ فَجُزْءٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا مِنْهُ حِصَّةُ الْعَافِي، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ بَقِيَ لَهُ فِي الْعَبْدِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَقَدْ تَلِفَ ذَلِكَ بِتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَإِذَا قَسَّمْنَا خَمْسَةَ آلَافٍ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ سَعَى الْعَبْدُ فِي ثَلَثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ جُمْلَةُ مَالِ الْمَيِّتِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ، وَالثُّلُثُ أَلْفَانِ وَثُلُثُ أَلْفٍ يُسَلَّمُ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ رَقَبَتِهِ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ، وَهُوَ ثُلُثُ أَلْفٍ فَإِذَا أَدَّى السِّعَايَةَ جُمِعَ ذَلِكَ إلَى خَمْسَةِ آلَافٍ، وَاقْتَسَمَهَا الِابْنَانِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا ثَلَاثَةٌ لِلْعَافِي وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَتْ قِيمَةُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَافِي فِي نِصْفِ الْعَبْدِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَنِصْفِ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ سِتَّةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ فَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا كَانَ حَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَحَقُّ الْعَافِي ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ تَكُونُ قِسْمَةُ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ، وَالْبَاقِي مِنْ التَّرِكَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا فَإِذَا قُسِّمَتْ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ كَانَ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ ثَلَثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلْثًا فَيَكُونُ لِلْعَافِي فِي الْحَاصِلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَلِلَّذِي لَمْ يَعْفُ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ كَانَ لِلْعَافِي سُدُسُ الْخَمْسَةِ، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَ هَلَكَ عَلِمْنَا أَنَّ وَصِيَّتَهُ مِثْلُ نِصْفِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةُ آلَافٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تُنَفَّذُ فِي الثُّلُثِ، وَالثُّلُثُ مِثْلُ نِصْفِ مَا يُسَلَّمُ لِلْوَرَثَةِ فَإِذَا كَانَ السَّالِمُ لِلْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ خَمْسَةَ آلَافٍ عَرَفْنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدِ تُنَفَّذُ فِي نِصْفِهِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ وَأَنَّ جُمْلَةَ التَّرِكَةِ سَبْعَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ حَقُّ الْعَافِي مِنْ ذَلِكَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَهْمًا يَكُونُ حَقُّ الْعَافِي فِي سَهْمٍ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي خَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا كَانَتْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ فَيَكُونُ حَقُّ الْعَافِي سُدُسَ الْخَمْسَةِ آلَافٍ، وَالْبَاقِي كُلُّهُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ.
وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ مَعَ ذَلِكَ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَضَوْا الدَّيْنَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ آلَافٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ فِي التَّرِكَةِ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَالْوَصِيَّةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ عَلَى سَبْعَةٍ لِلْعَافِي سَهْمٌ، وَلِلْآخَرِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قُضِيَ الدَّيْنُ كُلُّهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ الْبَاقِي فِي يَدِ الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَإِنَّمَا تُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ فِي نِصْفِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَلْفَانِ فَهُوَ الَّذِي جُبِيَ مِنْ الْعَبْدِ فَإِذَا ضَمَمْته إلَى نِصْفِ الدِّيَةِ يَكُونُ سَبْعَةَ آلَافٍ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا دَيْنٌ، وَلَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ حَقُّ الْعَافِي فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ نِصْفُ مَا جُبِيَ مِنْ الْعَبْدِ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي سِتَّةِ آلَافٍ فَكَذَلِكَ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لِيَكُونَ ضَرَرُ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَّةِ، وَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ أَلْفٍ سَهْمًا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ يَنْقَسِمُ الْبَاقِي، وَهُوَ سَبْعَةُ آلَافٍ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ سُبْعُهُ لِلْعَافِي، وَسِتَّةُ أَسْبَاعِهِ لِلْآخَرِ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدَانِ يُسَاوِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَأَعْتَقَهُمَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا، وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا، وَغَرِمَ الْآخَرُ خَمْسَةَ آلَافٍ فَإِنَّهُ يَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ فِي خُمُسِ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ التَّرِكَةِ تِسْعَةُ آلَافٍ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا فِي ثُلُثِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي رُبْعِ قِيمَتِهِ فَإِذَا أَدَّيَا ذَلِكَ ضُمَّ إلَى الْخَمْسَةِ آلَافٍ فَيُقَسِّمُهُ الِابْنَانِ عَلَى تِسْعَةِ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ لِلْعَافِي، وَسُبْعُهُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ حَقُّ الْعَافِي فِي أَلْفَيْنِ، وَحَقُّهُ فِي سَبْعَةِ آلَافٍ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى مِقْدَارِ حَقَّيْهِمَا، وَتُجْعَلُ كُلُّ أَلْفٍ سَهْمًا فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا يَسْعَى الْبَاقِي فِي سِتِّمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ قِيمَتُهُ أَلْفَانِ فَإِذَا ضَمَمْته إلَى نِصْفِ الدِّيَةِ يَكُونُ سَبْعَةَ آلَافٍ يُقَسَّمُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِابْنَيْنِ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي نِصْفِ الثُّلُثِ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي أَرْبَعَةٍ وَخُمُسُ سَبْعَةِ آلَافٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، وَظَهَرَ أَنَّ السَّالِمَ لَهُ مِنْ قِيمَتِهِ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، وَيَسْعَى فِي سِتِّمِائَةٍ، وَظَهَرَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْآخَرِ أَيْضًا أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، وَأَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي أَلْفَيْنِ وَثَمَانِمِائَةٍ، وَحَصَلَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ خَمْسَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ثُمَّ مَا فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا فَمَا أَصَابَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا فَهُوَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَمَا أَصَابَ ثَمَانِيَةً وَنِصْفًا فَهُوَ لِلْعَافِي؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ فِي الْحَاصِلِ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ لَكَانَ لِلْعَافِي مِنْ ذَلِكَ أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ، وَلِلَّذِي لَمْ يَعْفُ سِتَّةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ فَالسَّبِيلُ أَنْ نَجْعَلَ كُلَّ مِائَةٍ سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّ الْعَافِي سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَحَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ سَبْعَةٌ وَسِتُّونَ سَهْمًا فَجُمْلَتُهُ أَرْبَعَةٌ وَثَمَانُونَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّتَيْنِ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا سَبْعَةَ عَشَرَ لِلْعَافِي، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ خَرَّجَهُ فِي الْكِتَابِ مِنْ نِصْفِ ذَلِكَ إلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ انْكَسَرَ بِالْإِنْصَافِ فَجُعِلَ لِلْعَافِي ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، وَهُوَ نِصْفُ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَلِلَّذِي لَمْ يَعْفُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَنِصْفُ نِصْفِ سَبْعَةٍ وَسِتِّينَ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ سِوَى الْعَبْدَيْنِ فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَصِيَّةً فَيَسْعَى الْعَافِي مِنْهُمَا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمَيِّتِ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ تَاوٍ فَجُمْلَةُ التَّرِكَةِ تِسْعَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ سِتَّةُ آلَافٍ فَإِذَا ضَمَمْته إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الْبَاقِي يَكُونُ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ، خُمُسُ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ الْبَاقِي بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ وَصِيَّةُ الْعَبْدِ الْبَاقِي تَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْمَيِّتِ مِنْ رَقَبَتِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ اسْتَحَقَّ مِنْهُ بِقَدْرِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ فَيَكُونُ جُمْلَةُ الْمَالِ تِسْعَةَ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي ثُلُثِ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَمِائَتَيْنِ دَخَلَ يَدَ الْوَرَثَةِ سِتَّةُ آلَافٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ ثُمَّ يُقَسَّمُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا فَمَا أَصَابَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا فَهُوَ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ، وَمَا أَصَابَ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَنِصْفًا فَهُوَ لِلْعَافِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيَّةٌ فَإِنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ خَاصَّةً وَالْبَاقِي، وَهُوَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَانِ وَثَلَثُمِائَةٍ فَيَكُونُ حَقُّ الْعَافِي فِي أَلْفَيْنِ وَثَلَثِمِائَةٍ، وَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ مِائَةٍ سَهْمًا يَكُونُ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ، وَحَقُّ الَّذِي لَمْ يَعْفُ فِي سَبْعَةِ آلَافٍ وَثَلَثِمِائَةٍ، وَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ مِائَةٍ سَهْمًا يَكُونُ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعِينَ، وَجُمْلَةُ السِّهَامِ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ لِيَكُونَ ضَرَرُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِمَا بِالْحِصَّةِ، وَلِأَنَّ الْكِتَابَ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْكَسْرُ بِالْإِنْصَافِ.
قَالَ: وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ يُسَاوِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقَدْ أَعْتَقَهُمَا فِي مَرَضِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا ثُمَّ قُتِلَ عَمْدًا، وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَعَفَا أَحَدُهُمْ عَنْ الْجِنَايَةِ فَعَلَى الْقَاتِلِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَالْعَتِيقِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ مَالِ الْمَيِّتِ هَذَا الْمِقْدَارُ وَهُوَ رَقَبَتُهُمَا مَعَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَيُسَلَّمُ لَهُمَا الثُّلُثُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَتْسَاعٍ فَعَلَيْهِمَا السِّعَايَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِمَا، وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَأَرْبَعَةُ أَتْسَاعٍ فَإِذَا أَدَّيَا ضُمَّ ذَلِكَ إلَى ثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَيُقَسَّمُ ذَلِكَ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلْعَافِي وَالْبَاقِي لِلْآخَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ يَكُنْ هَاهُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ فَإِنَّ مِقْدَارَ أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفٌ وَثُلُثُ أَلْفٍ فَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ كَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا، وَثُلُثَيْ الدِّيَةِ إذَا جُعِلَتْ كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ يَكُونُ عِشْرِينَ سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّ الْعَافِي أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْبَاقِي بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا لِلْعَافِي أَرْبَعَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا عَتَقَ مِنْ رَقَبَةِ الْبَاقِي مِنْهُمَا خُمُسُ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ وَثُلُثَا أَلْفٍ فَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْهُمْ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ، وَقَدْ تَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْحَالِ رَقَبَةُ الْبَاقِي مَعَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَحَقُّ الْبَاقِي مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الثُّلُثِ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي الثُّلُثَيْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ خَمْسَةٌ لِلْعَافِي وَأَرْبَعَةٌ لِلْوَرَثَةِ فَقَدْ انْكَسَرَ الْأَلْفُ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَخْمَاسِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةٍ فَيَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَضْرِبُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ مِائَةً وَثَلَاثِينَ لِلْبَاقِي خُمُسُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ.
وَإِذَا سَلَّمَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ هَذَا الْمِقْدَارَ تَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْمَيِّتِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنَّ جَمِيعَ الْمَالِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لِلْعَبْدَيْنِ فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ، وَحَصَلَ لِلْوَرَثَةِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ثُمَّ تُقَسَّمُ الدُّيُونُ مِنْ السِّعَايَةِ وَثُلُثَيْ الدِّيَةِ عَلَى اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ سَهْمًا لِلْعَافِي مِنْهُمْ سِتَّةُ أَسْهُمٍ، وَالْبَاقِي لِلْآخَرَيْنِ فَهَذَا طَرِيقُ الِاخْتِصَارِ، وَاعْتَبَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْبَسْطِ الَّذِي بَيَّنَّا فَنَقُولُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ جُمْلَةُ الْمَالِ مِائَةً وَسِتَّةً وَخَمْسِينَ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمْ فَأَمَّا مِائَةُ سَهْمٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَثُلُثَا الدِّيَةِ بَيْنَ الَّذِينَ لَمْ يَعْفُوَا سِتَّةً وَخَمْسِينَ هَذَا لِلْعَبْدِ الْبَاقِي، وَمَا جُبِيَ مِنْ الْعَبْدِ الْمَيِّتِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ انْكَسَرَ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْ سِتَّةً وَخَمْسِينَ فِي ثَلَاثَةٍ فَيَصِيرُ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَسِتِّينَ وَسِهَامَ ثُلُثَيْ الْوَرَثَةِ فَيَصِيرُ ثَلَثَمِائَةٍ فَتَكُونُ جُمْلَتُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَثَمَانِيَةً وَسِتِّينَ لِلَّذِي عَفَا سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ، وَلِلْآخَرَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَتَا سَهْمٍ وَسِتَّةٍ أَسْهُمٍ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ تَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذَا، وَلَكِنَّهُ اعْتَبَرَ طَرِيقَ الْإِيجَازِ فَقَالَ لَمَّا وَجَبَ قِسْمَةُ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ وَثُلُثَيْ أَلْفَيْنِ بَيْنَ الْبَاقِي وَالْوَرَثَةُ عَلَى خَمْسَةٍ تُضْرَبُ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثِينَ فِي خَمْسَةٍ فَتَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ، وَثُلُثُ الْبَاقِي خُمُسُ ذَلِكَ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثَانِ، وَيُسَلَّمُ لِلْمَيِّتِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ رَقَبَتِهِ إذَا ضَمَمْته إلَى هَذَا تَكُونُ الْجُمْلَةُ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ مِقْدَارُ ثُلْثَيْ الدِّيَةِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ ضَرَبْته فِي خَمْسَةٍ فَتَكُونُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا بَيْنَ الَّذِينَ لَمْ يَعْفُوا نِصْفَيْنِ وَمَا بَقِيَ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ حَقُّ الْعَافِي فِي سِتَّةِ أَسْهُمٍ وَيَسْعَى فِي سَهْمٍ، وَحَقُّ الْآخَرَيْنِ فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا وَسَبْعَةِ أَتْسَاعِ سَهْمٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الدَّرَاهِمُ سَهْلٌ إذَا تَأَمَّلْته.
قَالَ: وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ يُسَاوِي أَرْبَعَةَ آلَافٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ قَتَلَ رَجُلٌ الْمُوصِيَ عَمْدًا، وَلَهُ ابْنَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ، وَيُرَدُّ رُبْعُ الْعَبْدِ إلَى الْخَمْسَةِ آلَافٍ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ الْقَاتِلِ فَيَقْتَسِمُهَا الِابْنَانِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ سَهْمًا لِلْعَافِي مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ مَالِ الْمَيِّتِ تِسْعَةُ آلَافٍ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَثَلَاثَةُ آلَافٍ قِيمَةُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ثُمَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا وَصِيَّةٌ لَكَانَ الْمِائَتَانِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ أَتْسَاعًا لِلْعَافِي تُسْعَا ذَلِكَ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مَا بَقِيَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى هَذِهِ السِّهَامِ إلَّا أَنَّ مَا يُصِيبُ الْعَافِي يَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ، وَبَعْضُهُ فِي الدِّيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا يُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ، وَمِنْ الدِّيَةِ فَالسَّبِيلُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ تِسْعَةً فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ كَانَ حَقُّ الْعَافِي مِنْ ذَلِكَ فِي سَهْمَيْنِ ضَرَبْتهمَا فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا فَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ، وَالْبَاقِي مِنْ الْعَبْدِ رُبْعُهُ مِقْدَارُ ذَلِكَ بِالسِّهَامِ تِسْعَةٌ فَنِصْفُهُ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَيَكُونُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الِاثْنَا عَشَرَ سَهْمًا، وَذَلِكَ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا، وَقَدْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فَجُعِلَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنَّمَا فُعِلَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْبَاقِي سَعَى بِهِ، وَهُوَ دَرَاهِمُ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ فَقُسِّمَ الْكُلُّ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَهَا هُنَا الْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الدِّيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِسْمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَمَا كَانَ جَمِيعُ الْعَبْدِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ يُعْطَى الْعَافِي مِنْ الدِّيَةِ مِقْدَارَ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ بِمَا نَفَّذْنَا مِنْهُ الْوَصِيَّةَ بِاعْتِبَارِ نَصِيبِ الِابْنِ الْآخَرِ فَلِهَذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

.بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَالْمُحَابَاةِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْمُحَابَاةُ أَوْلَى مِنْ الْعِتْقِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَصَايَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْمُحَابَاةِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ السَّبَبُ، وَهُوَ أَنَّ سَبَبَهُ عَقْدُ الضَّمَانِ، وَلِلْعِتْقِ قُوَّةٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ فَإِذَا بَدَأَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ مُقَدَّمَةً فِي الثُّلُثِ، وَإِذَا بَدَأَ بِالْعِتْقِ تَحَاصَّا فِيهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْعِتْقُ أَوْلَى عَلَى كُلِّ حَالٍ فَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ، وَرَدَّ الْعَبْدَ لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْعَقْدَ، وَأَدَّى كَمَالَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُحَابَاةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِهَا فَيُسَلَّمُ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ فَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْمُعْتَقِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَبْدَأُ بِالْمُحَابَاةِ كَمَا بَيَّنَّا ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْمُعْتَقِ بَاقِي الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَقَدْ سُلِّمَ لِلْمُشْتَرِي بِالْمُحَابَاةِ مِقْدَارُ ذَلِكَ أَلْفٌ فَيُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ، وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ مُقَدَّمٌ فَيُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ مِقْدَارُ الثُّلُثِ، وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ، وَهُوَ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا بَيَّنَّا فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَثَلَثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَا كَانَ يُسَلَّمُ لَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ شَيْءٌ قَبْلَ سَلَامَةِ الْمُحَابَاةِ لِلْمُشْتَرِي، وَقَدْ هَلَكَ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنَّمَا الْمَالُ فِي الْحَاصِلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَيُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَالِ وَثُلُثِ الْأَلْفَيْنِ ثُلُثَا أَلْفٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَيَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ، وَلَمْ يَرْضَ بِالِالْتِزَامِ.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْعِتْقُ مُقَدَّمٌ فَالْعَبْدُ فِيمَا مَرَّ مُسْتَوْفٍ لِوَصِيَّتِهِ، وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ كَمَالَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ، وَالْمُحَابَاةِ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيُعْتَقُ نِصْفُ الْعَبْدِ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي عَبْدَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ السَّالِمَ لَهُ مِنْ الْمُحَابَاةِ بِقَدْرِ نِصْفِ الثُّلُثِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ فَإِنْ اخْتَارَ فَسْخَ الْبَيْعِ عَتَقَ الْعَبْدُ كُلُّهُ، وَبَطَلَتْ عَنْهُ السِّعَايَةُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ فَتَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَبِبُطْلَانِهَا يَنْعَدِمُ مُزَاحَمَةُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْعَبْدِ فِي الثُّلُثِ فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْعَبْدِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَاتَ مُسْتَوْفِيًا لِوَصِيَّتِهِ، وَتَوَى مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ فَيَكُونُ ضَرَرُ التَّوَى عَلَى الْمُشْتَرِي، وَعَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ حَقِّهِمَا خُمُسُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَنِصْفٌ، وَإِنْ شِئْت قُلْت الْبَاقِي، وَهُوَ أَلْفَا دِرْهَمٍ مَقْسُومٌ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْوَرَثَةِ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْرِبُ فِيهِ بِنِصْفِ الثُّلُثِ، وَالْوَرَثَةُ بِالثُّلُثَيْنِ فَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي بِالْمُحَابَاةِ خُمُسُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْعَبْدِ الْمَيِّتِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَرْبَعُمِائَةٍ فَيَكُونُ جُمْلَةُ ذَلِكَ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي ثُلُثِ ذَلِكَ، وَهُوَ ثَمَانِمِائَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي أَرْبَعِمِائَةٍ، وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ تَخَلَّصَ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ، وَالْمُشْتَرِي فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الثَّانِي انْفَرَدَ عَنْ الْمُحَابَاةِ فَلَا يُزَاحِمُهُمَا، وَالْعِتْقُ الْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُحَابَاةِ فَيُزَاحِمُهُمَا فِي الثُّلُثِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُعْتَقَ الْأَوَّلَ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْمُعْتَقُ الْآخَرُ لِلْمُجَانَسَةِ، وَالْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا كَانَ الثَّانِي مَحْجُوبًا بِصَاحِبِ الْمُحَابَاةِ فَإِذَا اسْتَوْفَى هُوَ حَقَّهُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْنِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا، وَلَمْ يَصِلْ إلَى صَاحِبِ الْمُحَابَاةِ كَمَالُ حَقِّهِ فَمَا يَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْعِتْقِ الثَّانِي يَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّهِ قُلْنَا لَا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ ذَلِكَ مِنْهُ الْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ لَكَانَ حَقُّهُمَا فِي الثُّلُثِ سَوَاءً ثُمَّ يُؤَدِّي إلَى وَقْتٍ لَا يَنْقَطِعُ، وَالسَّبِيلُ فِي الدَّوْرِ أَنْ يُقْطَعَ فَإِنْ نَقَضَ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ الْبَيْعَ لِمَا لَزِمَهُ مِنْ زِيَادَةٍ الثَّمَنِ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُعْتَقِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ حَقِّهِمَا فَإِنَّ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ الْمُتَقَدِّمَ وَالْمُتَأَخِّرَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ جَمَعَهُمَا حَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ حَالَةُ الْمَرَضِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ، وَبَيْنَ صَاحِبَيْ الْمُحَابَاةِ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمُحَابِينَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَسَبَبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدُ الضَّمَانِ فَاسْتَوَيَا، وَالْمُعْتَقُ الْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا فَيُزَاحِمُهُمَا فِي الثُّلُثِ، وَإِذَا قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَصَلَ الْمُعْتَقَ الْآخَرَ فَمَا أَصَابَ الْمُعْتَقَ فِيهِمَا أَصَابَ صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ الْآخَرِ فَيَقْتَسِمُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا أَمَّا مُزَاحَمَتُهُ مَعَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ فَلِلْمُجَانَسَةِ، وَمَعَ صَاحِبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى هَذِهِ الْمُحَابَاةِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ مَحْجُوبًا بِحَقِّ صَاحِبِ الْمُحَابَاةِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ اسْتَوْفَى هُوَ حِصَّتَهُ، وَخَرَجَ مِنْ الْبَيِّنِ فَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا بِالسَّوِيَّةِ، وَلَوْ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى فَالثُّلُثُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمُحَابَاةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ، وَالْمُجَانَسَةِ بَيْنَهُمَا، وَلَا مُزَاحَمَةَ لِلْعَتِيقِ مَعَ صَاحِبِ الْمُحَابَاةِ الْأَوَّلِ فَإِذَا سَلَّمَ نِصْفَ الثُّلُثِ لِصَاحِبِ الْمُحَابَاةِ الْأَوَّلِ دَخَلَ الْمُعْتَقُ فِي النِّصْفِ الَّذِي أَصَابَ صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ الْآخَرَ فَيَتَحَاصَّانِ فِيهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمُحَابَاةِ الْأَخِيرَةِ فَهُوَ مُزَاحِمٌ لَهُ فِيمَا يَخُصُّهُ.
وَلَوْ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ فَالثُّلُثُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمُحَابَاةِ نِصْفَانِ لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي السَّبَبِ، وَلَا مُزَاحَمَةَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُعْتَقِينَ مَعَ الْمُحَابَاةِ فِيمَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمُحَابَاةِ الْأَخِيرَةِ فَيَكُونُ هُوَ مُزَاحِمًا لَهُ فِي حِصَّتِهِ ثُمَّ يُشَارِكُ الْمُعْتَقُ الْآخَرُ الْمُعْتَقَ الْأَوَّلَ فِيمَا أَصَابَهُ لِلْمُسَاوَاةِ، وَالْمُجَانَسَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُعْتَقُ الْآخَرُ مَحْجُوبًا لِصَاحِبَيْ الْمُحَابَاةِ، وَقَدْ خَرَجَا مِنْ الْبَيِّنِ قَالَ: وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْمُحَابَاةُ وَسَائِرُ الْوَصَايَا سِوَى الْعِتْقِ الْبَاتِّ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْعِتْقِ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ أَجَلٍ سَوَاءٌ يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ، وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَالْهِبَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْعِتْقَ الْمُنَفَّذَ مُقَدَّمٌ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا فَكَذَلِكَ عَلَى سَائِرِ الْمُحَابَاةِ، وَثَبَتَ بِطَرِيقِ الْمَعْنَى الْمُحَابَاةُ وَسَائِرُ الْوَصَايَا فَيَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ.
قَالَ: وَإِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَبَضَهَا، وَوَهَبَهَا لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، وَقَبَضَهَا، وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ بُدِئَ بِالْعِتْقِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْوَصَايَا اسْتَوَى فِي الْقُوَّةِ، وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ، وَهَذَا دَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْهِبَةَ لِذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَالصَّدَقَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَصَايَا ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَسْتَوِي بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ سَائِرِ الْوَصَايَا إلَّا أَنَّهُمَا يَقُولَانِ التَّصَدُّقُ وَالْهِبَةُ تَمْلِيكٌ فَيَكُونُ مُحْتَمِلًا لِلرُّجُوعِ فِيهِ إلَّا أَنَّ حُصُولَ الْمَقْصُودِ بِهِ، وَهُوَ نَيْلُ الثَّوَابِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لَا أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ لِلْفَسْخِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِلرِّقِّ وَالْمُسْقِطُ يَتَلَافَى مَا يَتَصَوَّرُ فَلَا يَتَصَوَّرُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يُعْتَقْ مَعَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَلَكِنَّهُ حَابَى فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يُبْدَأُ بِالْمُحَابَاةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ عَقْدُ الضَّمَانِ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى التَّبَرُّعِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْلِهِ تَقْدِيمُ الْمُحَابَاةِ عَلَى الْعِتْقِ إذَا بَدَأَ بِهَا فَلَأَنْ يُقَدَّمَ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا أَوْلَى، وَعِنْدَهُمَا يَتَحَاصَّانِ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ وَصَاحِبُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ عِنْدَهُمَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْوَصَايَا سِوَى الْعِتْقِ، وَقَدْ اسْتَوَتْ فِي الْحُكْمِ فَإِنَّ الْمُوصِيَ لَا يَنْفَرِدُ بِفَسْخِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ كَمَا لَا يَنْفَرِدُ بِفَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْمُحَابَاةُ فَيَتَحَاصُّونَ فِي الثُّلُثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.